للثقافة أخبار

شعرـ قصص

إعلانات - إعلانات

جديد دورالنشر

الثلاثاء، 31 مارس 2015

الثقافة المغربية بين ضبابية الواقع وتطلعات المستقبل أعد التقرير: عبده حقي

الثقافة المغربية بين ضبابية الواقع وتطلعات المستقبل أعد التقرير: عبده حقي
في إطارإعداد ملفاتها الدورية ومواكبتها لما يعتمل في الساحة الثقافية المغربية أنجزت مجلة إتحاد كتاب الإنترنت المغاربة الإلكترونية ملفا تحت عنوان عريض هو (الثقافة المغربية بين ضبابية الواقع وتطلعات المستقبل) راصدة من خلال مشاركات العديد من المثقفين فيه واقع المشهد الثقافي الذي عرف عدة أحداث هامة منذ مطلع السنة الحالية 2015 تتعلق بداية بالمناظرة الوطنية حول الثقافة المغربية التي جرت فعالياتها يومي الجمعة والسبت 9 و10 يناير 2015 بمدينة طنجة تحت إشراف اتحاد كتاب المغرب والحضوراللافت والدال للعديد من المؤسسات والفاعليات الفكرية والثقافية كوزارة الثقافة وتنظيم الدورة الواحدة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدارالبيضاء ما بين 13 و 21 من شهر فبرايرالفارط بمشاركة 750 ناشرا من 44 دولة ثم ما تلى هاذين الحدثين من جدل ساخن حول حجب جائزة المغرب للكتاب بعد أن سحب الشاعر محمد بنطلحة ديوانه «أخسر السماء وأربح الأرض» وما أعقب ذلك من بلاغات وبيانات خرج بها إلى العلن عبرالصحافة الورقية والإلكترونية بعض أعضاء اللجنة تجلت بداية بمقال توضيحي لأحمد عصيد بسط فيه أسباب حجب الجائزة ، ثم تلته ردود أخرى وهي عبارة عن مقالات لكل من ياسين عدنان وحسن مخافي ، تلك الردود التي عرفت تشهيرا ثقافيا بامتياز تجلى في التراشق بينهما بالإتهامات والتواطؤات والكشف عن العورات  ...
فضائح أخرى كشف عنها أيضا مقال الصحفي سليمان الريسوني الصادر بجريدة المساء بتاريخ 16 فبراير2015  تمثلت أولاها في توجّيه عضو بارز داخل المكتب التنفيذي لاتحاد كتاب المغرب ، رسالة ًإلى عضو آخر يُحذره فيها من تكرار فعل اصطحاب عشيقته إلى أحد فنادق الرباط على حساب مالية "الاتحاد" وفضيحة ثانية كشف عنها نفس المقال تتحدث كيف أن عضوا في الإتحاد عرض على عضوآخر ليكون ضمن لجنة تحكيم جائزة اتحاد كتاب المغرب للروائيين الشباب، من دون أن يسلمه ولا واحدة من الروايات المتنافسة لقراءتها ، إلى أن فوجئ هذا العضوالمدعو باستدعائه إلى حفل تسليم الجوائز، حيث تليت أسماء أعضاء لجنة التحكيم، وكان إسمه من ضمنها ! وكانت آخرالزلازل التي رجت المشهد الثقافي بالمغرب إنسحاب ستة وعشرون عضوا من إتحاد كتاب المغرب وعزا هؤلاء الأعضاء إنسحابهم إلى (سبب تحويل دورالمنظمة الطبيعي، والعبث برصيدها التاريخي، لأجل تحقيق مكاسب شخصية ضيقة، مع مراكمة الأخطاء التسييرية والطيش ، غير المسبوق ، في إبداء المواقف الفاقدة للعمق وللصدى والشرعية القاعدية...)  كما جاء في البلاغ الأول لمجموعة المنسحبين التي أطلقت على نفسها إسم (القادمون) والتي ضمت خمسة عشر عضوا إلتحق بهم تسعة أعضاء آخرون في بلاغ نهائي نشربتاريخ 12 مارس تحت عنوان (انسحاب لا انشقاق).
ومن نافلة القول أن زوبعة هذا الإنسحاب كانت حتما ومن المتوقع أن تدفع برئيس الإتحاد عبدالرحيم العلام للخروج عن صمته والإعلان في بلاغ خاص تحت عنوان (القادمون ... إلى الانسحاب) ومن بين ماجاء فيه (لا يسعني سوى أن أحترم شخصيا رغبة هؤلاء الأعضاء، فلربما أحس بعضهم بأن انتماءه إلى الاتحاد لم يعد يشرفه، إذ يوجد من بينهم من لم يكتب، في حياته، ولا مقالا واحدا في الثقافة ولا أصدر كتابا حتى، فكيف يصمد أمام اتحاد يغتني بتراكم أعضائه وبحضورهم المشرف... فقط أنا لم أفهم، معنى الانسحاب... فالقانون الأساسي للاتحاد ينص على الاستقالة، لكن ربما هي مسافة اللا انتماء التي لم تعد تسمح للبعض بأن يواكب اليوم تجدد الاتحاد، وتغير العالم...  شيء مؤسف حقيقة، لكن النضالات الحقيقية تتم من داخل الاتحاد وفي مؤتمراته، وليس بالبهتان والافتراء والكذب والجحود والوصاية، من لدن أشخاص يعرفون بالاصطياد في الماء العكر، وبتغيير بوصلة أخلاقهم حسب المنافع... )
هذه إذن وباختصار راصد هي بعض الأحداث الكهروثقافية منها الصادمة ومنها العابرة خفية خلف أستارالكواليس ومن تحت الموائد ...
في ظل هذا الهيجان وإغناءا لدائرة الحواروالنقاش أعدت مجلة إتحاد كتاب الإنترنت المغاربة الإلكترونية ملفها الخامس عشر في محور (الثقافة المغربية بين ضبابية الواقع وتطلعات المستقبل )  من من إعداد وتقديم مديرالمجلة الكاتب والإعلامي عبده حقي .
ولتأطيرالملف بعيدا عن أي توجيه ملغوم أو نوايا مبيتة وحسابات مغرضة فقد تركزت محاورالنقاش حول ثلاثة أسئلة مركزية ومحدودة هي :
1ــــ ماهوموقفك مما يكتنف المشهد الثقافي المغربي من ضبابية وغياب الرؤية الواضحة ؟
2ــــ أين يكمن الخلل في نظرك في السياسة الثقافية أم في إهتزاز قيم بعض المثقفين وبعض مظاهرالفساد الثقافي أم فيهما معا ؟
2ــــ ماهي في نظرك الحلول القمينة بإعادة الإعتبارلدورالثقافة والمثقف في المشاركة في بناء الثروة اللامادية للمغرب اليوم وغذا ؟
وجريا على عادتها فقد تم توجيه دعوات خاصة إلى العديد من الكتاب والمثقفين والإعلاميين ، كما فتح باب المشاركة على مصراعيه عبر توجيه رسائل إلكترونية جماعية إلى كل من يهمهم واقع ومستقبل الثقافة بالمغرب ، وتبين مما لايدع مجالا للشك أن الكثيرمن المثقفين ربما شعروا بأن المشاركة في هذا الملف من خلال الإجابة عن أسئلته المحورية لاتختلف في شكل عن السير في حقل من الألغام وأن مناقشة محاوره الساخنة والجريئة تحتاج إما إلى درجة عالية من الشجاعة الفكرية والثقافية مهما تكن فداحة الخسائر الشخصية على مستوى المكاسب والعلاقات والمصالح في المستقبل أو تحتاج في جانب آخر إلى لغة ديبلوماسية خشبية لن تجدي نفعا في النقاش ولن تأت برؤية واضحة قد تنقذ ما يمكن إنقاذه في الوضع الكارثي السوداوي للمشهد الثقافي الذي بسطنا بعض صوره السريالية في هذا التقريرأعلاه .
إن قراءة إختزالية للآراء الواردة في هذا الملف الذي آلف بين سبعة وعشرين مشاركا من بينهم صوت نسائي واحد ويتعلق الأمر بالشاعرة القديرة مالكة العاصمي . هاته القراءة الشمولية تكشف بجلاء عن شعور بالتذمر والإنتفاض العارم ضد ما حصل ويحصل في الحقل الثقافي المغربي ، فالشاعرة ترى أن المشهد الثقافي مأزوم في العالم لأن هناك ثقافة فاسدة موازية تريد أن تهيمن، وتعمل جاهدة على ابتلاع ما يناقضها وترى الشاعرة كذلك أن ضبابية المشهد الثقافي المغربي هي من ضبابية المثقفين وغياب الرؤية الواضحة لديهم كما يقول المثل العربي: (كما تكونون يولى عليكم) .
من جهته يرى القاص إدريس الصغير وهو من جيل كتاب السبعينات أن الضبابية في الثقافة المغربية ليست وليدة الحاضر, بل هي متجذرة في واقعنا الثقافي ، انها ظلامية دامسة عمياء ,عايشها القاص كما يقول منذ بدأ نشر أعماله على مدى خمسين سنة ...
أما الأستاذ الباحث في البيئة والتنمية والعمارة الإسلامية الدكتورأحمد الطالحي فيرى أن الخلل الذي يعاني منه الفضاء الثقافي المغربي والعربي عموما، مرده بالأساس إلى غياب مشروع ثقافي وطني، الذي بدوره يرجع إلى عدم الاجماع على الهوية الوطنية أو عدم الالتزام بالهوية التي سطرها الدستور الجديد. وما لم نعالج هذه المسألة بالحوار وبالأساليب الحضارية، ستستمر الارتجالية والعشوائية تطبع حركتنا الثقافية ومنتوجنا الثقافي.
وجوابا على سؤالنا أين يكمن الخلل في نظرك في السياسة الثقافية أم في اهتزاز قيم بعض المثقفين واستشراء الفساد الثقافي أم فيهما معا ؟ فالقاص والناقد الدكتورالمهدي لعرج يجيب عن هذا السؤال قائلا : أن الفساد هومنظومة متكاملة وبنية متواشجة، تشتغل مثلما تشتغل كل منظومة وديناميتها مثل دينامية أية بنية. والسياسة الثقافية بشكل عام في تصوره تقوم على الكثير من المحاباة والنفاق ويرى أن هناك وضعا موروثا من الصعب على أي وزير للثقافة أن يدبره من غير أن يجر على نفسه الكثير من المكائد والويلات ... ويضيف في نفس المشاركة أن بعض المثقفين مع الأسف لا يؤمنون بالرصيد الثقافي الذي يمكن أن يكونوه بعرق جبينهم ويعتزوا به، أو تذكره الأجيال لهم. ولكنهم إنما يميلون حيث مالت ريح السلطة والنفوذ والجاه.
صوت عربي واحد آثر إلا أن يشارك في هذا الملف من خارج واقعه الجغرافي المتلاطم ربما من بدافع الغيرة على صحة وعافية الثقافة المغربية باعتبارها رافدا أساسيا في الثقافة العربية وأيضا إعترافا بفضل المغرب على الأصعدة الفكرية والعلمية والثقافية على العديد من الكتاب الذين عبروا منه لطلب العلم والتكوين الأكاديمي أوالذين فضلوا الإقامة النهائية على أرضه المضيافة والكريمة مثل الصحفي المشهور طلحة جبريل والشاعرالكبيرأحمد الفيتوري وغيرهما . الأمرفي هذا الملف يتعلق بالكاتب السوداني المقيم باليمن عادل الامين الذي عبرعن موقفه بصراحة نادرة عما يعتمل في المشهد الثقافي المغربي وبرؤية نقدية جريئة حين قال إن الخلل مزدوج يكمن في مؤسسات الثقافة نفسها وإرثها القديم والممل وقتلها للعمل الإبداعي  وعدم دعم القطاع الخاص والرأسمالية الوطنية للثقافة...ويرى أن الشق الآخر في أزمة الثقافة المغربية سيكولجي يتعلق بالحرس القديم والنرجسية وسدهم للمنافذ للشباب  والإبداع الجديد والجيل الصاعد  وإبداع الهامش والهويات الصغرى  وعدم ايمان بعض المثقفين بالقيم العليا من ديمقراطية واشتراكية  ودولة مدنية  وتمجيدهم لأصنام المركز العربي لقديم...وعدم انفتاحهم على الفكر الإفريقي والقارة السمراء التي هم جزء منها.
الروائي والسيناريست عبدالإله الحمدوشي الذي حازمؤخرا على جائزة أحسن سيناريو في مهرجان كاليفورنيا العالمي عن فيلم "خلف الأبواب " من إخراج محمد عهد بنسودة يرى من جانبه أن السياسة الثقافية الخاطئة تخلق لنا مثقفين فاسدين ، ونعني بالمثقف الفاسد ، ذلك الذي ينتج الثقافة لمصلحة شخصية ومن  أجل منفعة ذاتية ولا يؤمن بما ينتجه ، بل ينتج ما يرضي أولياء نعمته .. ولاحظ أن الولاء الثقافي لم يعد مقتصرا كما  في السابق  على المخزن  ، بل صار مرتبطا بأصحاب المال أو بأحزاب أو منظمات تؤمن للمثقف المنتمي الحماية الانتهازية لكي توصله الى المنابر العليا والى احتلال أماكن مهمة في سلم الامتيازات ..هذا المثقف الانتهازي الفاسد مع الأسف في نظر نظر عبد الإله الحمدوشي هو في الغالب شخص فارغ  وغير مبدع ومدع  كبير  ، ينتج ثقافة ضعيفة وسطحية وضحلة ولكنه يجد المنابر التي تعلي من شأنها وتكرسها  وتنشرها وتقدمها على أساس أنها هي أحسن ما يوجد في الساحة ، بينما الواقع عكس ذلك  ، فهذا النوع من الثقافة الانتهازية يغطي على الإبداع الحقيقي ويهمش الأصيلين ويحكم عليهم بالإحباط والانزواء ، بل ان بعضهم قد يتحول الى التطرف والحقد وقد يتبنى أفكارا هدامة .
في المقابل شمل الملف أيضا آراء بعض الكتاب الذين حاولوا مسك العصا من الوسط والنظرأيضا إلى النصف المملوء من الكأس دون إغفال الإشارة إلى بعض بؤرالفساد في الحقل الثقافي المغربي .
فالمفكر والمناضل عبدالجليل طليمات يرى أنه ليس المشهد الثقافي المغربي بتلك القتامة التي توحي بها أسئلة هذا الملف الشائك وأنه من باب الموضوعية والإنصاف الاعتراف بما راكمته الثقافة المغربية ,  فكرا وأدبا وفنونا من إنجازات هامة على طريق التحديث الفكري والنهضة الثقافية المأمولة وذلك رغم مختلف العوائق والإكراهات الموضوعية والذاتية, ورغم مقاومات قوى التقليد والمحافظة والاستبداد لكل جديد وتنويري  في حقل الفكر والإبداع . أما في النصف الفارغة من الكأس هي أن نقطة الضعف الأساسية للمشهد الثقافي المغربي هو الاستقالة شبه التامة للدولة من مسؤولياتها في توفير الشروط المادية والمؤسسية للنهوض بالفعل الثقافي وجعل إشعاعه متاحا في كل الفضاءات بربوع البلاد , فدور الدولة في هذا المجال ينبغي أن يتمحور حول توفير البنيات التحتية الضرورية للممارسة الثقافية وتوزيعها بشكل متوازن وعادل بين المدن والقرى على الصعيد الوطني . ويضيف طليمات في نفس الورقة أن سياسات الدولة العمومية فشلت خلال العقود الماضية في سن استرتيجية ثقافية مندمجة في مجهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية , وتعاطت مع الشأن الثقافي بمنظور فولكلوري ومناسباتي للثقافة, وببخل ما بعده بخل في الإنفاق على مشاريع ثقافية جادة يتم تبريره دائما من طرف الوزارة الوصية  بهزالة الميزانيات  المخصصة لها , وفي ذلك اعتراف منها بأن الثقافة هي آخر ما اهتمت وتهتم به الحكومات المتعاقبة .
الناقد محمد أقضاض إستهل مشاركته بسؤالين محوريين هما : هل النخب السياسية المغربية قادرة على أن تجمع بين السياسة والثقافة أو بين الثقافة والسياسة؟ وهل للثقافة اعتبار عند هذه النخب؟...ولم يمانع الناقد في حق المثقفين في الحلم بل يقول : يمكن أن نبالغ في الحلم فنقول: إنه من الممكن أن تعتمد هذه النخب السياسية التدبير العقلي من خلاله تخطط للراهن وللمستقبل، وتملك الرؤية الشاملة التي تجمع بين القضايا السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية و.. و.. ويمكن أن نتمادى في الحلم ونقول: إن هذه النخب لابد أنها تدرك أهمية الثقافة في تنمية البلاد وسيادة السلم الاجتماعي والأمن والتسامح، وإلا اعتبرت جاهلة وتفترض أنها تحكم شعبا جاهلا، فتسهم في إنتاج الفوضى والتخلف واللاسلم واللاتسامح.. إذ لا يمكن أن تهمل سياسة ثقافية حديثة عقلانية لأني أفترض أنها نؤمن بأهمية دور الثقافة.. ولنحلم أنها تدرك هذه الأهمية، حينئذ تخطط .
في نفس السياق فرأي الشاعروالناقد توفيقي بلعيد لايختلف كثيرا عن رأي كل من عبدالجليل طليمات ومحمد أقضاض ففي رأيه لن يتم إصلاح الوضع الثقافي ومعه السياسي والحقوقي وغيرهما ، إلا عندما تمتلك الأحزاب والدولة مشروعا مجتمعيا يضع في قلب اهتماماته سعادة المواطن وأمنه الصحي والغذائي، وأن تعي كل الأطراف أن أي تقدم يَتَغَيّا الرخاء والسلم لا بد أن تكون الثقافة رافعة لهذه المشاريع، التي قد تختلف فيها السلطة والمعارضة حول بعض الجوانب وتتفق حول رفاهية المواطن، عندها تعالوا اسألوا المثقف…
ومن دون شك أن أهم مشاركة وازنة في هذا الملف قدمها الشاعر والناقد الدكتور عبدالسلام فزازي الذي قارب موقفه في هذا الملف من خلال عودته إلى فعاليات المناظرة الوطنية حول الثقافة المغربية التي أشرنا إليه سابقا والتي شارك في ورشاتها لمدة يومين وبدون توقف وبحضور وازن كما يقول عبدالسلام فزازي ، وبالاشتغال في أوراش شاملة جامعة مانعة ، كانت تغطية بل تعرية للفعل الثقافي توصل إليها العالم العربي عبر ممثليه في المناظرة، معية حضور وازن للدول الغربية . ويضيف في ورقته قائلا : أجل توصلت اللجان إلى تحديد خبايا تقهقر الفعل الثقافي انبثقت عن المناظرة هذه توصيات وصلت إلى الوزارات، والحكومات الممثلة في المناظرة . ثم يتوقف في سؤال أساسي جدا قائلا ترى ماذا لو طبق منها الثلث فقط ؟ ويجيب أكيد سوف نكون قد أعدنا الروح للثقافة التي عاشت الغرغرة لسنين عددا.. الم يكن من اللازم أن نصل حقا إلى حوار الثقافات ومد الجسور بيننا وبقية العالم ؟ ألم يكن من السهل اليسير علينا أن ندخل عالم العولمة مدججين بترسانة من المعارف التي يزخر بها أبناء هذا الوطن المعطوب ثقافيا، والحال أن جلهم يحقق ما يحققه من انجازات دولية، إلا أنهم مع الأسف الشديد لم يستأنسوا رشدا بسياسة ثقافية وطنية ديمقراطية بعد أن داهمهم الإفلاس الذي أتى على الثقافة ككل، وأصبحنا نتساءل في استغراب على حد قول شاعرنا الشيخ محمد السرغيني ونحن نردد قوله: « ترى من فعل هذا بجماجمكم »؟
وعطفا على ورقة الدكتورعبدالسلام فزازي جاءت ورقة الناقد فريد أمعضشو التي ثمنت أشغال المناظرة الوطنية حول الثقافة المغربية التي إستطاعت في رأيه أن تقدّم تشخيصاً لواقع الثقافة المغربية، وتضع الأصبع على جملة من مَواطنها التي تحتاج إلى مجهودات إضافية للرقي بها، وتجاوز ما يكتنفها من اختلالات تعرقل سيْر هذه الثقافة نحو تحقيق غاياتها الكبرى. كما خرجت المناظرة بتوصيات مهمّة نأمُل أن تتحوّل إلى واقع ملموس في أقرب وقت.
وفيما يخص سؤالنا حول رد الإعتبار لدورالثقافة والمثقف في المشاركة في بناء الثروة اللامادية للمغرب اليوم وغذا ، فالقاص والناقد حميد ركاطة يعتقد أن إعادة الاعتبار للمثقف يتمثل في الالتفات إليه ، وتقديره ، والاعتراف بما ينتجه من رأسمال لا مادي ، المثقف اليوم في نظرحميد ركاطة لا يملك سوى كرامته حيال حصار أضحى فجا ، ووهميا ، فالاعتبارلا تقدمه المؤسسة ، بل يخلق المثقف بفرض نفسه بقوة في المشهد ، وإن كنا اليوم نعيش حرب بسوس أخرى من قبل بعض المحسوبين على الثقافة ، من أشباه المثقفين ، فنظرية المؤامرة  يعاد حياكة فصولها الوهنية من جديد ، وهي المعمول بها اليوم عبر ممارسة الإقصاء المقصود، للزميل من طرف زميله ، وأقرب المقربين إليه ... ويرى عبد المجيد طعام المدير المسؤول لموقع الشرق الآن من جهته أنه لا وجود لحلول سحرية اولا فائدة من الحلول الترقيعية فالتحدي الذي نواجهه كما يقول هو ان نكون او لا نكون وأخيرا يقول سعيد منتاق الأستاذ بجامعة وجدة شرق المغرب أن الثقافة في حاجة إلى مثقف غيور على الإبداع عموما، مناهض للمصلحة والحسابات الحزبية الضيقة، شغوف بالبحث عن الجديد، صادق في تقويمه لأي إنتاج ثقافي، لا يسمح ضميره بالمحاباة ولا التملق ويدافع باستماتة على الجودة وإعادة الاعتبار للكتاب والكتاب المخلصين في أعمالهم الإبداعية.
ومن من دون شك أننا مهما إستفضنا في تجميع آراء الأدباء والمثقفين المغاربة المشاركين في هذا الملف ومواقفهم المتقاربة من صورة المشهد الثقافي اليوم وتطلعاتهم إلى المستقبل ، فإننا لن نخرج عن إطارالصورة الملتبسة التي يحملها كل مثقف وكل كائن مهووس بنقاوة وسلامة الثقافة المغربية من بعض الباكتيريا التي تقتات على المواضع الخمجاء أكثر مما تفكرفي الرقي بالتراكم الثقافي المغربي حتى يسهم في إغناء الثروة اللامادية لوطننا الحبيب .
وعسى أن تكون أوراق هذا الملف قد أسهمت من جهتها بقدر ما في إثراء النقاش حول الثقافة المغربية واعتبار أوراق هذا الملف محطة ثالثة بعد محطة مناظرة طنجة وفعاليات المعرض الدولي للكتاب بالدارالبيضاء .

إرسال تعليق

 
لا يتحمل الموقع تحت أي ظرف مسؤولية المساهمات التي تتضمن خرقا لحقوق الملكية الأدبية أو حقوق النشر، و يحق لكل متضرر رفع الضرر عن طريق مراسلة مدير الموقع
copyright © 2013 الزمن المغربي
مجلة الزمان المغربي مستقلة تجدد كل يوم