" القصيدة في القصيدة ""همس
الخطيئة" للشاعرة آمال هدازي نموذجا :عبد
الله المتقي
تقديم
لابد منه ...
أمران دفعا بي إلى الاشتغال
على القصيدة في القصيدة أو الميتا-شعر في ديوان " همس الخطيئة " للشاعرة آمال هدازي ، الصادر مؤخرا عن
دار فضاءات بعمان ، الأمر الأول شعري ،
ينطلق من ترسيخ الشاعرة لمكانتها في خارطة الشعر المغربي كأحد التجارب الجديدة والمتميزة
بصيغة المؤنث المغربي ، إلى جانب أمال
الرحماوي ، ورشيدة بوزفور مثلا لا حصرا,
والأمر الثاني بصري ، ونعني
به صورة الغلاف التي
تحيل على موضوعات قابلة أن يتعرف عليها : "ريشة ، يد ، الماء " ، لكن ، بعد
قراءة الديوان ، والتفاعل مع قصائده ، نتعرف على هوية هذه الموضوعات والتي لن تعدو
أن تكون فعلا للكتابة ، وفي سياق تدعيم فعل الكتابة ، والكتابة بالكتابة .
فكثير من القصائد تجعل من أدوات الكتابة وعناصرها موضوعا لأدائها :"حبر ، القلم،أوراقي ،
القصيدة ، القصيد ، قصيدة النثر ، ، استعارة ، بلاغي " ، ومما يدعم القصيدة في القصيدة ، والشعر على
الشعر ، أو الميتا-شعر، نقرأ قي صورة
الغلاف الخلفي :
" أكتبني
أزرعني
أرسمني دوائر"
إضاءة
...
الميتا-شعر وجه جديد من وجوه النقد،يشير إلى
الكلام عن الشعر، بمعنى أن موضوع القصيدة يصبح القصيدة نفسها ، فالشاعر يجابه نفسه وقصيدته ، يتفحصها ، يسائلها ، ويعيد
تركيبها ، هكذا يصبح الشعر على الشعر أو مصطلح الميتا-شعر انهماك الشاعر في ورشته
الشعرية ، بغية تطوير ذاته مهنياً ، والدافع لكل هذا حسب الناقدة والأكاديمية
اللبنانية هدى فخر الدين " وعي حاد بخفايا الكتابة الشعرية ودقائقها "
تجليات
الميتا-شعر
بداءة ، دعونا ، بل ومن المجدي توزيع مقتطفاتنا الشعرية التي
تمثل سجل الميتا-شعري إلى اللحظات التالية :لحظة الخلق الشعري ، لحظة الموقف لحظة .
لحظة
الخلق الشعري
الكتابة عبء ، بل مسؤولية
قبل أن تكون وسيلة متعة ، وإفراغا لشحنات نفسية ، هي نزيف منساب و لذيذ نشتهيه ، لكن لا نستطيع الكف عنه :
" تلفظ الحرف ...
ينزف قربانا
على
جسد الاستعارة الشفيف"ص37
هي كذلك قصيدة الشاعرة
، وجع بعرق النزيف ومرارة التجربة في تمثيلهما للقصيدة التي تنهش شعراءها
وشواعرها ، وإن كانت وجعاً ، إلا أن وجعها سيكون أرق بكثير من وجع الصمت، كما قد يمتزج
النزيف بالاشتهاء والشبق كي تولد القصيدة :
" أنزف قبلة
يجتاحها صهيل مطر
أولد القصيدة .." ص80
وقد تتعطل القصيدة عن مواكبة
الألم المنسكب ، حتى لا تغدو قادرة ويتسع
صدره لهذا البوح الموجع ، ولرؤى الشاعرة
الفسيحة بقصد الغور في شعور ولاشعور :
"جف الحبر
جف القلم
ولم يجف الألم"ص 56
لحظة
الموقف...
الكتابة
اختيار، والاختيار قرار، والقرار موقف ، وبذلك تغدو القصيدة بماهي ممارسة للفعل وإفصاح عن الموقف، ثم موقف من
الكتابة بالكتابة:Haut du formulaire
" حاول أن تكتب
صرختك على شفة الصمت
حاول أن ترتب الفوضى
في قصيدة نثر" ص 159
القصيدة عند بهذا المعنى ، موقف غاضب من الصمت ، فوضى منظمة ، كتابة
للصراخ بالقصيدة وفي القصيدة ، بديلا عن الهروب إلى كهف الاستسلام ومواصلة السبات
فيه .
على
سبيل الختام ...
لقد مثلت قصائد أمال هدازي
فضاء لاشتغال القصيدة على القصيدة ، بوضعها تحت المجهر ، من أجل مجابهتها وتفحصها
، بل هي
تجربة رابعة بعد ثلاثة دواوين شعرية سابقة
، ألهمتها تجديد نفسها الشعري ، وتحولها
إلى ناقدة ، وهذا هو الكائن الحداثي ، ويكون الشعر
إرسال تعليق