موريتانيا تطرد دبلوماسيا جزائريا بعد أن اتّهمته
بالوقوف وراء مقال في موقع إلكتروني يتهم المغرب بإغراق شمال موريتانيا بالحشيش المغربي،
ومالطا "تمرمد" سيّاحا جزائريين وتدخلهم السّجن وتجبرهم على تنظيف المراحيض،
والسّبب عدم امتلاكهم أموالا طائلة لصرفها هناك، كما تطالعنا وسائل الإعلام يوميا عن
المعاملة السّيئة التي يتلقّاها جزائريون بالخارج.
وقبل سنوات كنت شاهدا على واحدة من أفضع التّجاوزات
في حقّ الجزائريين في الخارج، وكان ذلك في نواقشط أين كان الأستاذ الجامعي الجزائري
عيسى إسماعيل يقبع في أحد السجون، وكان أشهر الجلادين الموريتانيين ويدعى "دامس"
يمزّق جسده بمنشار حديدي من أجل أن يعترف بأنه الوسيط الرئيسي بين الجماعة السلفية
للدعوة والقتال آنذاك وجماعات مسلحة موريتانية مفترضة.
ومع الوقت تأكّد أنّ الجزائري عيسى إسماعيل كان
الصّك الذي قدّمته موريتانيا لإقناع الولايات المتحدة الأمريكية بأنها شريكة معها في
مكافحة الإرهاب، وهاهي اليوم تعيد الكرة وتقدم جزائريا آخر برتبة دبلوماسي قربانا لتحسين
علاقتها بالمغرب، ليتأكد أن شعار العزة والكرامة الذي رفع منذ سنوات لا أثر له في الواقع
في الداخل والخارج.
القصّة نفسها تكرّرت مع الطّيار الجزائري لطفي رايسي
الذي اتّهمته الشرطة البريطانية بتدريب انتحاريي أحداث 11 سبتمبر 2001، وعاش هذا الشاب
كابوسا عنيفا طيلة خمسة أشهر تحول خلالها إلى أشهر شخصية في العالم وخطف الأضواء من
أسامة بن لادن نفسه ليتّضح في الأخير أنّ التّهم التي وُجّهت إليه كانت كلّها أكاذيب
وتلفيقات، لتنتهي قصته بالبراءة التّامة وبجهود شخصية استطاع أن يهزم الحكومة البريطانية
ويحصل على الاعتذار والتعويض.
نال لطفي رايسي البراءة والاعتذار، وقبله نال عيسى
إسماعيل البراءة، لكن لا أحد منهم شعر أن دولة بحجم الجزائر إلى جانبه، وما حقّقاه
من انتصارات كان بجهود شخصية، لا بالضغط الدبلوماسي الذي تمارسه كلّ الدّول عندما يتعلّق
برعاياها الذين يواجهون مشاكل في الخارج، بل إن باقي الدول تدافع بشكل كبير وتستخدم
كل نفوذها لإنقاذ رعاياها بالرغم من تورّطهم في ممارسات غير قانونية كما حدث مع قصّة
الممرّضات البلغاريات الشهيرة في ليبيا.
سيبقى الحديث عن العزّة والكرامة مجرد شعار ما لم
تقم الدبلوماسية الجزائرية بواجبها في الدّفاع عن الرعايا الجزائريين في الخارج، ومصالح
الدّول في الجزائر كثيرة وكفيل بأن تضمن عزة وكرامة الجزائريين في الخارج، وإلا فلا
غرابة بأن تتصرف دول مثل موريتانيا ومالطا بالطّريقة التي رأيناها.
إرسال تعليق