- · تتردد المصارف في منح القروض للأشخاص الذين يفتقرون إلى تاريخ سابق في التعاملات المالية، ما يُمثل مشكلة أمام كثيرين في الدول النامية
- · تُمثل البيانات الوصفية عن استخدام الهاتف المحمول وسيلة فعالة لتكوين صورة مفصلة عن الشخص
- · من بين المخاوف المتصلة بالاعتماد على بيانات الهواتف القلق من سبل ضمان الخصوصية وتشكك المصارف في الأشخاص الذين لا يسمحون باستخدام بياناتهم
- · تبحث شركة “ليندو” الناشئة في صلات الشخص عبر مواقع الإعلام الاجتماعي لمساعدتهم في الحصول على قروض
يُواجه كثيرون، ولاسيما في الدول النامية والاقتصادات الصاعدة، مشكلة الحصول على قروض؛ إذ يفتقرون إلى أي تاريخ سابق في التعاملات المالية، ما يدفع المصارف في بعض الأحيان إلى الإحجام عن منحهم قروض قد يحتاجونها لشراء منزل أو تأسيس مشروع صغير أو الالتحاق بالجامعات مخافة التخلف عن سدادها.
وتُقدم عدد من الشركات الناشئة حلاً لهذه المشكلة يعتمد أساساً على الهواتف المحمولة التي قد تُطلق جيلاً جديداً من العمليات المصرفية، باعتبار أن الكم الكبير من البيانات الوصفية أو “ميتاداتا” التي تجمعها الهواتف أو تتعلق باستخدام الإنترنت تُقدم صورةً تفصيلية عن الشخص وإمكانية الثقة في وفائه بالدين.
وتُحاول شركة “إنتربرنيريـال فايننس لاب” Entrepreneurial Finance Lab التنبؤ باحتمالات سداد الشخص للقرض استناداً على بيانات هاتفه المحمول. وتتعاون مع دانيل بيركجرن، الخبير الاقتصادي في “جامعة براون” الأمريكية. وبحثت الشركة في بيانات الهواتف المحمولة الخاصة بثلاثة آلاف شخص في هايتي اقترضوا من أحد المصارف، وتضمن ذلك توقيت إجراء المكالمات الهاتفية، ومدتها، وإنفاق الأشخاص على هواتفهم.
وبحثت خوارزمية “إنتربرنيريـال فايننس لاب” في البيانات الوصفية للوصول إلى فهم أفضل لشخصية الفرد، والإجابة على أسئلة مثل ما إذا كان قد أعاد الاتصال بأرقام المكالمات الفائتة على الفور، ودفع فاتورة الهاتف، ما قد يُؤشر على تحمله للمسؤولية. وكذلك في حال جرت أغلب مكالمات الشخص في أماكن بعيدة عن فرع المصرف، فقد يدل ذلك على صعوبة متابعة الأماكن التي يتردد عليها.
وخلص البحث إلى إمكانية تقليل المصارف من عدد مرات الإخلال في الوفاء بالقروض بنسبة 43% من خلال استخدام خوارزمية تختار الأشخاص الأكثر ملاءمة لمنحهم القروض. وعُرضت نتائج الدراسة خلال مؤتمر “نت موب” الذي عُقد في مدينة كامبريدج في ولاية ماساتشوستس الأمريكية في وقتٍ سابق من شهر أبريل الجاري.
واعتبرت كيويان شو، عالمة البيانات الرئيسية في شركة “سيجنفي” Cignifi الناشئة في كامبريدج، أن البيانات الوصفية يُمكنها أن تعكس التغيرات الحاصلة في حياة الأشخاص على نحوٍ سريع؛ نظراً لاستخدامهم هواتفهم المحمولة بمعدل يومي.
وتدرس “سيجنفي” كيفية استخدام بيانات الهواتف المحمولة لتوقع سداد الأشخاص للقروض ومقدار مدخراتهم. وتوصل بحث الشركة إلى فائدة بعض المؤشرات مثل وقت إجراء المكالمات الهاتفية، والأحياء التي يجري الاتصال بأشخاص يقيمون فيها. وقالت شو: “تلمس بيانات المحمول حياتنا اليومية. إنها طريقة فعالة للتنبؤ بسلوك المستخدم”.
ولا تسلم فكرة الاعتماد على بيانات الهواتف المحمولة كبديل جزئي لتاريخ الائتمان من بعض المخاطر، كما يرى يانهو وي في “جامعة بنسلفانيا”. وعلى سبيل المثال، قد تزيد شكوك الشركات لدرجة تفوق الحد المعقول في الأشخاص الذين يرفضون مشاركة بياناتهم.
وقال وي أنه عند إتاحة الخيار أمام الأشخاص في منح الإذن باستخدام بياناتهم أو العكس، قد يُعتبر مجرد اختيار الاحتفاظ بها علامةً سيئةً. ويُضاف إلى ذلك الخوف حيال الخصوصية، وإمكانية البحث في هذا القدر الكبير من البيانات والحفاظ على تأمينها في الوقت ذاته.
ومع ذلك، سعت العديد من الشركات الناشئة لخوض هذا المجال، ومنها “إنفنشر” Inventure التي تتخذ من مدينة سانتا مونيكا في ولاية كاليفورنيا الأمريكية مقراً لها. وطورت تطبيقاً يُتابع استخدام الأشخاص لهواتفهم المحمولة، وكذلك إنفاقهم النقدي اليومي ويُضيف ذلك إلى بيانات ديموغرافية ليُكون سجل ائتماني للشخص. وفي العام الماضي، نظمت “إنفنشر” مشروعاً تجريبياً في جنوب أفريقيا، قدمت خلاله هواتف ذكية إلى مجموعة من الأشخاص استخدموا التطبيق، وسددوا ثمن الهواتف إلى الشركة لاحقاً.
وجربت شركة “ليندو” Lenddo خوارزميتها في الفلبين وكولومبيا، وتهتم الشركة بالبحث في حسابات الأشخاص في مواقع الإعلام الاجتماعي مثل “فيسبوك” و”تويتر” و”لينكدإن”، وتحتسب عدد الأشخاص الذين يتصل بهم الفرد، ومعدل التواصل معهم، وما إذا كان أصدقاء الإنترنت يتمتعون بسجل ائتماني جيد. وساعد تطبيق “ليندو” البعض في الحصول على قروض لشراء هواتف ودراجات نارية.
وقال بيركجرن، عالم الاقتصاد في “جامعة براون”: “على الرغم من أن الكثير من الأشخاص الراغبين في الحصول على قروض في الدول النامية يفتقرون إلى أي تواريخ مالية، إلا أنهم يمتلكون هواتف محمولة. وللمرة الأولى صار من الممكن الحصول على بيانات مُفصلة حول أشخاص مُهمشين اقتصادياً”.
إرسال تعليق