حذرت منظمة العفو الدولية ومؤسسة أوميغا للبحوث
في تقرير جديد اليوم من أن شركات تتخذ من بلدان الاتحاد الأوروبي مقرا لها لا تزال
تُسَوِّقُ وتتاجر في سلسلة من المعدات الأمنية التي يمكن استخدامها كوسائل تعذيب وفي
سوء المعاملة.
وأضاف التقرير أن هذه الممارسات مستمرة بسبب الثغرات
التي ينطوي عليها التشريع الأوروبي القائم منذ عشر سنوات والذي كان يهدف إلى تقييد
الاتجار في هذه المعدات الأمنية.
ويُفصِّل التقرير الذي عنوانه "التعامل بحزم
مع الاتجار في المعدات الأمنية: إنهاء تجارة أوروبا في تكنولوجيا الإعدام والتعذيب"
هذه الثغرات، موضحا كيف أن مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه تملك القدرة
على سدها، وهي مطالبة بالقيام بذلك. ويأتي نشر هذا التقرير في ظل فتح البرلمان الأوروبي
نقاشا جديدا يوم 28 مايو/أيار بشأن التعديلات المقترحة على قانون الاتحاد الأوروبي
الذي يحمل عنوان "قانون التعذيب" والمعمول به منذ عام 2006.
وقال رئيس برنامج الجيش والأمن والشرطة في منظمة
العفو الدولية، مارك ماركزينسكي، "لقد قطعت أوروبا شوطا بعيدا باتجاه إنهاء التجارة
البغيضة في بعض الأدوات والتكنولوجيا الأكثر جلبا للشرور في العالم والتي يمكن استخدامها
في تعذيب الناس أو إعدامهم".
لقد قطعت أوروبا شوطا بعيدا باتجاه إنهاء التجارة
البغيضة في بعض الأدوات والتكنولوجيا الأكثر جلبا للشرور في العالم والتي يمكن استخدامها
في تعذيب الناس أو إعدامهم"
مارك ماركزينسكي، رئيس برنامج الجيش والأمن والشرطة
في منظمة العفو الدولية
وأضاف الباحث في منظمة العفو الدولية "لكن كما يظهر هذا التقرير
الجديد، تظل هناك ثغرات كبيرة. وهذا يعني أن بعض الشركات يمكن أن تستفيد من بؤس الإنسان
بالرغم من آليات الحظر والرقابة المطبقة حاليا. إذا كانت أوروبا جادة في الاضطلاع بمسؤولية
اجتثاث التعذيب وإلغاء عقوبة الإعدام، فإنها مطالبة بسد هذه الثغرات بشكل عاجل".
ومنذ عام 2006، يطبق الاتحاد الأوروبي الآلية الإقليمية
الوحيدة لحظر الاتجار في المعدات التي يمكن استخدامها في التعذيب أو عقوبة الإعدام.
وأبرزت منظمة العفو الدولية ومؤسسة أوميغا لاحقا
القيود الخطيرة التي ينطوي عليها "قانون التعذيب" وكيف أنه يُطبق بشكل انتقائي
من قبل دول الاتحاد الأوروبي. وقد سعى الاتحاد خلال السنوات الأخيرة إلى معالجة أوجه
القصور في هذا القانون بما في ذلك توسيع قائمة البضائع المحظورة أو التي تخضع لقيود
بشكل كبير.
وقدمت المفوضية الأوروبية مزيدا من الاقتراحات من
أجل تعزيز "قانون التعذيب"، وتدرس الدول الأعضاء في الاتحاد والبرلمان الأوروبي
حاليا هذه الاقتراحات. وتدعم منظمة العفو الدولية ومؤسسة أوميغا العديد من هذه الاقتراحات،
وتحث على تبنيها.
ويحدد التقرير المشترك بين المنظمتين الثغرات المتبقية
في هذه الاقتراحات، والتي من شأنها أن تسمح لشركات الاتحاد الأوروبي بــــ:
التوسط من أجل بيع ونقل المعدات الأمنية إلى بلدان
من غير الاتحاد الأوروبي طالما أن الصفقات التجارية تتم من خارج الاتحاد الأوروبي ولا
تصل هذه المعدات إلى الأراضي الأوروبية؛
الترويج بشكل مفتوح لبعض المعدات المحظورة من قبل
في معارض السلاح بالاتحاد الأوروبي وعلى الإنترنت، مثل شبكة السرير (بنية شبيهة بالقفص
تُبنى في هيكل السرير)، وأجهزة الصدمات التي تُثبَّت في الأجسام أو القيود التي تربط
السجناء إلى الأجسام الثابتة؛
تسويق بعض المعدات الأمنية بين أجهزة الشرطة، مثل
البنادق التي تطلق صدمات كهربائية بهدف شل حركة المطلوبين، والعصا الكهربائية، والدروع
الكهربائية، والتي لا تناسب على الإطلاق وكالات إنفاذ القانون؛
تقديم مساعدات تقنية غير مناسبة للشرطة وللقوات
المسلحة، بما في ذلك التدريب على تقنيات من شأنها في بعض الحالات أن تُسَهِّل التعذيب
وسوء المعاملة؛
طرح تكنولوجيات وأجهزة جديدة في السوق حتى لو كان
بالإمكان استخدام هذه المواد في تنفيذ عقوبة الإعدام أو التعذيب أو سوء المعاملة.
وقال الدكتور مايكل كراولي من مؤسسة أوميغا
"بالرغم من أن اقتراحات المفوضية مهمة، فإنها فشلت في معالجة فعالة لعدد من أوجه
القصور والثغراتبالغة الأهمية في التشريع القديم وفي نظام المراقبة المرفق به. إذا
لم تُعالج هذه القضايا بشكل مباشر الآن من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد والبرلمان
الأوروبي، فإن هذه الفرصة النادرة لتعزيز نظام المراقبة وسد الثغرات بشكل شامل التي
يمكن استخدامها من طرف التجار عديمي الضمير يمكن أن تُهدر".
وأضاف الباحث في مؤسسة أوميغا "لقد حان الوقت
الآن لاتخاذ الاتحاد الأوروبي موقفا حازما للتعامل مع هذه المشكلة الشائكة، وإنهاء
تجارة أوروبا في تكنولوجيا التعذيب بشكل دائم".
خلفية
عندما دخل "تشريع المجلس" الحامل رقم
1236/2005 حيز التنفيذ في عام 2006، كان الاتحاد الأوروبي قد طرح آليات مراقبة ملزمة
وغير مسبوقة على سلسلة من المعدات التي غالبا ما تُستخدم في تنفيذ عقوبة الإعدام والتعذيب
وسوء المعاملة ("أدوات التعذيب")، لكن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي
لم تدرج هذه المعدات في العادة في قوائم مراقبة المواد العسكرية ذات الاستخدام الثنائي
أو قوائم مراقبة الصادرات الاستراتيجية.
أصدر الاتحاد الأوروبي ومؤسسة أوميغا سابقا ثلاثة
تقارير في أعوام 2007 و 2010 و 2012 والتي حددت مواطن الخلل في تشريع الاتحاد الأوروبي
المعمول به حاليا والإسقاطات الواردة في قائمتي الاتحاد الأوروبي بشأن المواد المحظورة
والمواد الخاضعة لقيود والتي تسمح بالاستمرار في الاتجار في "أدوات التعذيب".
وأدت جهود منع هذه المواد على مستوى الاتحاد الأوروبي
والمشار إليها في تقرير عام 2010 إلى صدور قرار من المفوضية الأوروبية في السنة التالية
بهدف توسيع قائمتي الاتحاد الأوروبي حتى تشمل معدات أخرى مثل أجهزة إحداث الصدمات الكهربائية
المثبَّتة في الجسم، والعصا ذات النهايات المدببة، وبعض الأدوية المستخدمة كحقن قاتلة.
وخلص خبراء إلى أن هذه الإجراءات تظل غير كافية بهدف تقييد هذه التجارة وكبح جماحها،
ولهذا عمدت المفوضية الأوروبية إلى إجراء مراجعة شاملة بشأن القانون القديم.
وفي 16 يوليو/تموز 2014 ، وسعت المفوضية الأوروبية
قائمتي المواد المحظورة والمقيدة الواردتين في القانون الأصلي من خلال القانون التنفيذي
رقم 775/2014 .
ويبرز التقرير الأخير المشترك بين منظمة العفو الدولية
ومؤسسة أوميغا للبحوث الثغرات المتبقية التي لا تزال تحتاج إلى من يسدها بشكل عاجل.
وبموازاة هذه الجهود، سيبدأ البرلمان الأوروبي من خلال "لجنة التجارة الدولية"
و"اللجنة الفرعية بشأن حقوق الإنسان" نقاشا حول هذه المسألة يوم 28 مايو/أيار.
ومقررة "لجنة التجارة الدولية" هي ماريتجي شآكي وهي عضوة في البرلمان الأوروبي
من هولندا بينما تقدم باربرا لوتشبيهلير وهي عضوة في البرلمان الأوروبيمن ألمانيا تقريرا
بشأن وضع حقوق الإنسان إزاء هذه التجارة. ومن المقرر أن تصوت "لجنة التجارة الدولية"
في شهر يوليو/تموز المقبل على التعديلات المقترحة على "قانون التعذيب" التابع
للاتحاد الأوروبي انطلاقا من النقاش الحالي ثم يصوت البرلمان الأوروبي على هذه الاقتراحات
في جلسة كاملة في شهر سبتمبر/أيلول المقبل.
إرسال تعليق