رحيل الطيب الصديقي رجل المقامات : محمد الشغروشني
بدمع العين وحزن القلب يودع المغاربة قاطبة، والمثقفون والفنانون بشكل خاص، قامة
إبداعية ورجلا مثقفا هو الطيب الصديقي، ولأن الأسماء تحمل معناها وأقدارها، فإن الطيب الصديقي كان طيبا إلى أبعد حد وكان صديقا وحبوبا، لا بإبداعه فحسب ولكن بعلاقاته الأنسانية، كان رحمة الله عليه يعشق الذكاء والألمعية، ويقرب صاحب الصفتين من قلبه إلى أن يسكن سويداءه، ويمقت الغباء والتباهي الفارغ..
إني على يقين بأن الكثيرين سيتحدثون عن فنه وإبداعاته المسرحية والركحية، ووقوفه الحازم والمناصر والمحفز وراء العديد والعديد من الأعمال المشهدية مسرحيا وسينمائيا وتلفزيونيا وتشكيليا..وغيرها كثير..
غير أن الأمر الذي حفزني على الكتابة عن شخصية الطيب الصديقي هو أكبر من ذلك وأعظم، إنها شخصية المثقف المغربي المعتز ب "تمغربيت" ، والمطلع الرصين على الثقافات المغربية بكل تشعباتها الأمازيغية والعربية العالمة والشعبية من جهة والثقافة الغربية من خلال اللغة الفرنسية؛ نادرا بل من المستحيل أن تجد المبدع الطيب الصديقي بدون ما جد في عالم الكتب ومن كل الأجناس والفنون؛ كما يستحيل أن تجمع بالطيب الصديقي جلسة في مقهى من غير ما تحفيز لك على إعادة النظر في الكثير من المقولات أو المسلمات أو الكلمات التي حفظتها عن ظهر قلب أو ورثتها بالسمع والرواية؛ ولعل ذلك هو سر تألقه الإبداعي وانتشار منجزه الركحي على المستويين العربي والعالمي..
وبذات الصفات والخصال السابقة الذكر كان الرجل مؤمنا بالمستقبل، تجد صدي ذلك لدى العديد من الفنانين والمخرجين والممثلين الذين قدم لهم يد المساعدة داخل المغرب وخارجه إيمانا بمواهبهم أولا، وتعبيرا عن نكران الذات ثانيا؛ وتلك خصلة واحدة من خصاله الكريمة التي عز نظيرها في غيره..ولعل أحسن تكريم له هو أن تبادر وزارة الثقافة بتسمية أحد المسارح باسمه تكريما له ولإبداعاته وخدماته الجليلة للفن والثقافة المغربية والإنسانية..
إرسال تعليق