للثقافة أخبار

شعرـ قصص

إعلانات - إعلانات

جديد دورالنشر

السبت، 18 أبريل 2015

حوار عن واقع "داعش" ومستقبلها

وجهت لي إذاعة "الكل" التي تبث للداخل السوري عدة أسئلة احب أن تشاركونا فيها:
سؤال 1 : بداية، ما أوجه الخلط بين اتجاهات الجماعات الإسلامية السياسية في سوريا من جهة، وبين دور الدين الإسلامي من جهة أخرى؟
جواب: الدين الاسلامي دين شامل وكامل، (اليوم اكملت لكم دينكم...) ومن كماله ان فيه عقيدة وعبادات ومعاملات "شريعة"، وجماعات الاسلام السياسي عموما تتبنى تطبيق الشريعة، وهناك خلاف واضح بين كتلتين، كتلة ترى تطبيق الشريعة برضى الناس ومن خلال دولة مدنية دستورية برلمانية ديمقراطية دون عنف او اجبار وباحترام الرأي الآخر...
وكتلة ترى تطبيق الشريعة بالقوة والتغلب وبما يراه المتغلبون دون اعتبار لأراء المخالفين، ومثالها "داعش"... 
وانه لمن الظلم الكبير إهمال الكتلة الوسطية التي تريد الدولة المدنية، ومن الاجحاف خلط الامور ووضع الجميع في سلة واحدة، بل إن هذا الاهمال أحد أسباب ظهور الكتلة المتطرفة "داعش" ونشر نفوذها المتطرف المستبد المتخلف...
سؤال 2 : هل يعني لجوء السوريين إلى المظاهر الإسلامية الرمزية خلال الحراك السلمي عبر المساجد والأئمة، هل يعني ذلك مشاركتهم في أطر الإسلام السياسي؟ 
جواب: لا شك ان الشعب السوري في عمومه محب للتدين ومتمسك بتراثه وثقافته الدينية... لكنه خرج يطالب بالحرية والكرامة قبل كل شيء والمظاهر الاسلامية الرمزية في حراكه هي جزء من ثقافته ولا تدل على تبنيه لاتجاهات سياسية اسلامية معينة... ويبقى من حقه بعد الانتصار ان يقول كلمته الاخيرة فيما يختاره من ممثلين له ومن قوانين تنظم حياته... لا يجب أن نحول حبه للدين الى وثيقة دعم لجماعات الاسلام السياسي، فهي منوعة ومتعددة وله وحده القول الفصل في ان يختار ويدعم من يريد سياسيا بعد الانتصار، واذا حضر الاصيل بطلَ الوكيل، والشعب حاضر بعد النصر وستكون له الكلمة في الدستور والبرلمان والقوانين وفق مبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية التي خرج من أجلها...
سؤال 3: ما الأسباب التي ساهمت في نشوء الجماعات الإسلامية المتطرفة في سوريا؟
جواب: وجود الظلم والفساد المستشري، ووجود فكر تكفيري وفقه قديم له ظروفه الزمانية والمكانية والجمود عنده دون تطوير وربط بالواقع الجديد، ووجود روح الشجاعة والقتال عند شريحة كبيرة من الشباب دون وعي كاف... واهمال الاسلام السياسي الوسطي الذي ينسجم مع مطالب الثورة في الحرية والكرامة والديمقراطية... ووجود جهات خبيثة مخابراتية متعددة استدرجت وجندت وضللت وأمدت واستغلت جميع العوامل السابقة لانشاء وضخ الحياة في الجماعات المتطرفة...
سؤال 4: ما الطابع العام لتلك الجماعات، وما قاسمها المشترك؟ 
جواب: الطابع العام لتلك الجماعات تبني التطرف واستمرائه وقلة العلم وضيق الافق وعدم قبول الرأي الآخر، وسهولة الاختراق والقدرة على القتال دون القدرة على توفير الحضارة والبناء والتقدم...
سؤال 5: مم تتغذى هذه الجماعات اليوم؟ 
جواب: تتغذى من قوى التطرف المشابهة والقوى المخابراتية التي تتقاطع مصالحها معها، وماديا مما يقع تحت ايديها من ثروات وممتلكات تعتبرها غنائم صرفة لها ومن اثمان البترول الذي تبيعه للنظام الذي يغض النظر عنها...
سؤال6:  ما الدور الذي لعبه تنامي تلك الجماعات في محاولة تحويل ثورة سلمية من أجل الحرية إلى حرب طائفية مسلحة؟ الجواب: هذا التوصيف غير دقيق، الثورة السلمية تحولت الى ثورة مسلحة نظرا لبطش النظام وقسوته المفرطة ولطرحه أربعة خيارات امام كل معارض، البقاء في الذل، أو السجن او القبر او الدفاع عن النفس، واختار اكثر الناس خيار الدفاع عن النفس وخاصة الجنود والشرطة وما شابههم، والكل يعلم ان الثورة بدأت سلمية واستمرت كذلك عدة اشهر ثم تشكلت قوات الجيش الحر من افراد الجيش الذين رفضوا قتل أهلهم وابناء وطنهم، ثم ظهر ما يسمى الجماعات الاسلامية المتطرفة بتفاعل معقد اشتركت فيه اياد مخابراتية كثيرة يصعب وضع تصور واضح لتشكلها ولكن لا يخفى على احد انها لا تخدة الثورة بل اضحت وجها أخر للاستبداد الذي خرج الناس ضده...
سؤال7: ما الأسباب التي أدت إلى تراجع دور الجيش الحر أمام هذه الجماعات؟
جواب: عدم قدرة الجيش الحر على توحيد الصف وعدم توفر القيادة المناسبة له وعدم وجود الدعم المالي اللازم وتشتت العقيدة القتالية وكثرة الايادي المخابراتية الهدامة والمحبطة والمشككة... يجب ان يتحول الجيش الحر الى مؤسسة مستقرة بقيادة واحدة وسمع وطاعة ورواتب مستقرة وعقيدة قتالية واحدة نابعة من روح الثورة التي قامت لاستعادة الحرية والكرامة ولارساء الدولة المدنية بالوسائل الديمقراطية...
سؤال8: كيف نجح نظام الأسد في توظيف هذه الجماعات سياسيا وإعلاميا لصالحه؟ 
جواب: نظام اسد نظام مخابراتي بامتياز، خبرة وتمويلا وسفالة... إضافة إلى تلقي دعم غير محدود من إيران وصل الى درجة الاحتلال، ونحن قد لا ندرك ألاعيبه الا بآثارها كادراكنا لاثر البعرة التي تدل على البعير دون ان نرى البعير احيانا... 
عصابات أسد هي مصدر الارهاب، ولكنها تحاول استولاد ارهاب متطرف معاد للغرب كي تحول بوصلة الغرب بعيدا عن اجرامها الكيماوي البراميلي...
سؤال9: ما هو تأثير تلك الجماعات على الرأي العام ؟
جواب: تاثيرا ضعيف لان سمعتها سيئة وسلوكها مشين ومستقبلها مظلم، واغلب العلماء المسلمين المعتبرين ادانوا سلوكها وشبهوه بسلوك الخوارج الذين نبه عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم ورفضتهم المجتمعات الاسلامية كلما ظهروا في التاريخ...
سؤال10: كيف استفاد الأسد من فكرة التهديد الذي تشكله تلك الجماعات، وهل سيقود ذلك إلى طرح الأسد كشريك في القتال ضد داعش ومثيلاتها؟ 
جواب: في الاصل ساهم أسد في تشكيل هذه الجماعات عبر اطلاقه لسجناء مخترقين مخابراتيا، والالاعيب المخابراتية تكون سرية وغامضة نتلمسها من آثارها، وتكشفها الايام... والنظرة الفاحصة لا تستبعد ان اطلاق السجناء كان مؤشرا على وجود ترتيبات مخابراتية تعرف من آثارها... الاسد إرهابي وداعش إرهابية، بل وجود الاسد هو الماكينة الاساسية التي تضخ الحياة في عروق داعش... وهذا لا يخفى على عاقل، فاي طرح جاد لاستئصال الارهاب في المنطقة يجب ان يبدأ باستئصال الاسد أولا فستذبل بعده كل اشواك الضلال والظلم والارهاب...
سؤال 11: لو أردنا الحديث عن داعش بالتحديد، ما السبب الذي جعل باقي الجماعات الإسلامية تنفر منها، هل ربما لأنها نصّبت نفسها عليهم كدولة؟ 
جواب: الناس خرجت من اجل الحرية والعدالة والديمقراطية، ولن يقبل الناس من يفرض نفسه ومبادئه عليهم كائنا من كان وخاصة اذا كان ظالما جاهلا واذا كانت ممارساته خرقاء قاسية متخلفة... انهم يظلمون الناس ويشوهون الدين ويكسبون اعداءً في كل يوم... ولا مستقبل لهم بعد أن تضع الحرب أوزارها...
سؤال 12: هل المعارك ضد داعش حقيقية فعلا، أم أنها لعبة دولية مفتعلة؟ 
جواب: ظاهر الامر أنها معارك حقيقية، فالطلعات الجوية والقصف الذي يقوم به التحالف ثابت الآثار... ولكن قد لا تخلو من الاعيب وشكوك في ادائها وجديتها، وخاصة أنها تتجاهل محاسبة عصابات أسد التي هي رأس الارهاب، وعدم دخول الاتراك في الحلف مؤشر الى عدم جدية الحلف في استئصال الارهاب الحقيقي الذي تمارسه عصابات أسد والاحتلال الايراني لسورية...
سؤال 13: كيف تقرأ مستقبل هذه الجماعات، وهل هي قادرة على إنتاج مشروع سياسي واقتصادي واجتماعي ينتهي بتشكيل كيان مستقل؟ 
جواب: لاشك انها جماعات فاشلة جاهلة قد تكون قادرة على القتال ولكن ليس هناك مؤشرات على انها تملك رؤية لحضارة او تقدم او نماء... الا اذا غيرت نهجها والتحمت مع اهداف الثورة السورية التي قامت من اجل الحرية والكرامة وارساء الدولة المدنية بالوسائل الديمقراطية ويجب أن يكون الباب مفتوحا لها ولغيرها دائما بالانحياز إلى ثورة الحرية والكرامة.
سؤال 14: كيف هو المشهد اليوم في ظل تنامي هذه الجماعات المسلحة؟ 
جواب: مشهد محزن مؤلم محير، ولكن الظالم يحمل في كيانه عوامل فنائه، فنظام اسد والجماعات المتطرفة كلها سيلفظها الشعب عاجلا او آجلا ولن يكون قابلا للحياة الا ما حمل نسائم الحرية والعدالة والديمقراطية...
سؤال 15: كيف يمكن احتواء هذه الجماعات، وكيف يمكن توعية الشباب من مخاطرها؟ 
جواب: بوقف الظلم والفساد ونشر العلم والوعي وتوفير متطلبات الحياة الكريمة والنماء، وإرساء الامن والامان... وأول ظلم يجب إيقافه هو ظلم عصابات أسد الذي كان سبب الثورة أصلا...
اما وسائل التوعية فهي كثيرة اهما الفضائيات والانترنت والدورات والحوارات والندوات والتشجيع على بناء منظمات مجتمع مدني واحزاب وطنية تهتم بالفرد والاسرة والمجتمع... والله الموفق لكل خير.

إرسال تعليق

 
لا يتحمل الموقع تحت أي ظرف مسؤولية المساهمات التي تتضمن خرقا لحقوق الملكية الأدبية أو حقوق النشر، و يحق لكل متضرر رفع الضرر عن طريق مراسلة مدير الموقع
copyright © 2013 الزمن المغربي
مجلة الزمان المغربي مستقلة تجدد كل يوم