الحلقة الاولى من دراسة الاستاذ محمد العلمي حول تعقيبه على ملاحظات
الدكتورة نجاة لمريني على تحقيق رحلة ابن بطوطة للدكتورعبد الهادي
التازي
رحمه الله
الحلقة
الأولى
أذكر حين توصلت بكتاب "تأملات أدبية في نصوص
مغربية" كتبتها الدكتوة نجاة المريني في فترات مختلفة زمنيا صدر
ضمن منشورات جامعة محمد الخامس أكدال سلسلة دراسات وأبحاث رقم 56، وهو مجموع قراءاتها في فترات
عديدة مختلفة زمنيا جمعتها الدكتورة نجاة المريني في كتابها الذي أصدرته كلية
الآداب بالرباط كما أشرنا أعلاه، يحمل هذا الكتاب تصدير العميد الدكتور عبد الرحيم
بنحادة المتميز بأنشطته الفكرية والتنظيمية حيث قال عن الدكتورة المريني ومكانتها
الثقافية والعلمية بقولة : "نجاة المريني باحثة منقبة
ومبدعة ومواطنة معتزة بمسقط الرأس وحاملة لقيم الوفاء والاعتراف".
وقرأت هذا الكتاب
ووجدت ضمنه موضوع هام: نظرات في تحقيق الدكتور عبد الهادي التازي لرحلة ابن بطوطة، ونظرت في الكتاب
فوجدت فيه عملا سبق أن قرأته في جريدة العلم في الملحق الثقافي دجنبر 2001
وقد مر أكثر من عشر سنوات على ما كتبته
الدكتورة الفاضلة نجاة المريني وملاحظاتها التي جاءت بعنوان:
"ما أخل به الهامش عند التعليق على رحلة ابن
بطوطة". لذلك قررت نشره
كما كتبته سابقا لكن مع الإشارة إلى إضافة ترجمتين للعالمين الكبيرين الأول
العلامة المغربي دفين آنفا والثاني لمجاهد وعالم كبير.
تعقيب وتكملة على ملاحظات الدكتورة نجاة المريني لما جاء من
إهمال في هوامش تحقيق الدكتور عبد الهادي التازي لرحلة ابن بطوطة
لقد جاء في الملحق الثقافي لصحيفة "العلم» في دجنبر 2001
بعنوان "ما أخل به الهامش عند التعليق على رحلة ابن بطوطة"
بتحقيق الدكتور عبد الهادي التازي
لقد استمتعت جدا وعاودت القراءة أو بالأحرى لما أثارته الدكتورة نجاة
المريني من ملاحظات على ما أخل به الهامش في
تعليقات الدكتور التازي على رحلة شيخ الرحالة العرب ابن بطوطة والذي كانت
لي مع رحلته جولة علمية لا تنسى لأني شغوف بفن الرحلات وأعتبر نفسي محظوظا حين
اتيحت لي الفرصة مع أستاذي الفقيد رشدي فكار رحمه الله خلال فترة تأليفه لأهم كتبه
«عن الحوار الحضاري في بعد واحد، الاثنوغرافيا والسوسيوغرافيا ولزوم التعريف بهما
برحالة الإسلام»، والمنشور بدار الأفاق الجديدة بيروت الطبعة الأولى 1988. وهو في هذا الكتاب يحاور ليبرهن للغرب أن
العرب شاركوا بحظ وافر في ميدان الرحلات العربية الإسلامية والتي لها ارتباط وصلة
بالعلوم الاجتماعية الاثنوغرافية والانتربولوجيا قبل اهتمام أوربا بهذه العلوم،
فالحضارة الإسلامية مما لاشك فيه ساهمت في إثراء الحضارة البشرية.
وأذكر وقد سعيت جاهدا نحو
الإسهام في هذا العمل مع الفقيد بجهد متواضع عندما قمت بالبحث عن نصوص دقيقة من
مختلف الرحلات العربية الإسلامية للتدليل والاستشهاد بها عن فترة امتدت أكثر من
ألف عام، كما جاء في عنوان الكتاب وهذا ما أشار إليه المفكر الإسلامي رشدي فكار في
الفصل الرابع من نفس الكتاب عن الحوار الحضاري في بعد واحد ومساهمتي معه، والجدير
بالذكر هو أن الدكتور فكار سألني مرة عن تماطلي وتأخري في البحث عن جمع نصوص
اثنوغرافبا وسوسيوغرافيا من رحلة ابن بطوطة فقلت له يبدو أن أحسن تحقيق لرحلة ابن
بطوطة هي الآن قد الطبع بعناية الدكتور عبد الهادي التازي، فرد عليَّ ببذاهة فورا
قائلا: «فقد استطعت يا محمد جمع وتهيء نصوص صعبة من رحلات عديدة وقديمة، ولا ندري
با محمد متى ستطبع هل الآن أم بعد سنوات، وليس هذا آخر كلامه بل زاد قائلا: «لقد
طبعت رحلة ابن بطوطة طبعات متعددة ثم يجب
أن نعمل بالحكمة الصينية» لو أريد لكتاب الكمال لما انتهي منه» وبعد جولة مع طبعات
رحلة ابن بطوطة، وقع اختياري في الأخير على الطبعة التي حققها الدكتور علي المنتصر
الكتاني وهي تقع في مجلدين والتي كانت قبل تحقيق عبد الهادي التازي للرحلة هي من
الطبعات المهمة بين أيدينا حسب ما يبدو آنذاك لشيخ الرحالين العرب ابن بطوطة أبو
عبد الله محمد بن ابراهيم اللواتي ولد بطنجة 703 هـ 1304 م وتوفي بها عام 779 هـ
وقبره قرب سوق أحرضان بطنجة وفي رواية
أخرى يقال إنه دفين مدينة آنفا وقد اعتبر رشدي فكار ابن بطوطة من كبار
الممهدين للدراسات الاثنوغرافيا والسوسيوغرافيا أي أن ابن بطوطة اهتم بوصف الأرض
جغرافيا.. ونشاطه وعاداته وتقاليده وأعرافه في البوادي والمدن، ولعل أفيد نصوص
اثنوغرافيا وسوسيوغرافيا اجتماعية قديمة واضحة وجدتها عند ابن فضلان السفير الأمين
المفترى عليه وابن جبير الرحالة الأديب البارع وابن بطوطة شيخ الرحالين، ولنا وقفة
فيما بعد عن ابن بطوطة الجغرافي وفي الأخير ولتسمح لي الدكتورة عن هذه الديباجة
التي يمكن أن يقال لا داعية لذكرها. لكن للضرورة أحكام ومن الأحسن الدخول مباشرة
في الموضوع، واعتذر مرة ثانية عن تأخير هذا التعقيب لأني لم أستطع آنذاك الحصول
على بعض المصادر إلا مؤخرا والتي لها صلة بالموضوع وبعضها لازال مفقودا.
وبعدما شوقتني ملاحظات الدكتورة الباحثة الجادة المدققة إلى محاولة
تعقيب وإضافة وتكملة من شخص غير مختص على ما تفضلت به من ملاحظات على هوامش تحقيق
الدكتور التازي لرحلة ابن بطوطة، سأقدم قبل تعقيبي موجزا كمدخل لما قدمه الدكتورة
عن الأدوات المنهجية التي اعتمد عليها التازي في تحقيق الرحلة ثم سأتبعه بأهم
الملاحظات التي أثارتها الأستاذة على هوامش رحلة ابن بطوطة وذلك حتى يكون القارئ
الكريم في الصورة لما يقدم له.
عن كيف حقق
العلامة الأديب عبد الهادي التازي رحلة ابن بطوطة
عن منهج تحقيق الدكتور عبد الهازي التازي لرحلة ابن بطوطة من البداية
تطلعنا الدكتورة نجاة المريني أن الدكتور التازي اهتم بالمرويات الشعرية وأنه لم
يذكر ذلك في مقدمته، وتضيف الدكتورة «أن هوامش الرحلة المحققة حفلت بأشعار كثيرة
فضلا عن أشعار المتن والتي بلغت 330
بيتا شعريا زيادة من المحقق وتؤكد لنا الدكتورة أنه يستدل ويستشهد كثيرا بالشعر من
حفظه وتذكر سبب ذلك لتبحره في العلم والمعرفة إلا أن الدكتورة تؤكد أن التازي يتعب
القارئ وذلك لعدم تخريجه الأشعار الواردة ضمن ملاحق الجزء الرابع من الصفحة 283 إلى الصفحات 7، 8، 9، 10، وقد نبهت الدكتورة أن فهارس الرحلة ناقصة وفي
حاجة إلى ترميم، وذلك بعد أن نوهت بعمل الدكتور التازي الأكاديمي المتميز بتحقيقه
لرحلة ابن بطوطة، ثم تمنت الدكتورة الكريمة من كل قبلها لو تتاح الفرصة للتفعيل
الثقافي، وذلك بعقد ندوات علمية في شتى ميادين الفكر ومناقشة الأكاديميين لتحديث
وتطوير الثقافة المغربية ليكون هناك تواصل مع الفكر العالمي.
وبعد هذا التمني
والتنويه استأذنت بلباقة واحترام من التازي أن تقدم ملحوظاتها بعد ذكرها للعناء
والصعاب التي ترهق الفكر لتوثيق بعض الروايات والأخبار، والأشعار الواردة في
الرحلة البطوطية، وحددت الدكتورة الناقدة الجادة ملاحظاتها في ثلاثة هوامش جاءت
فيها أخطاء وهفوات وعثرات، وتؤكد الناقدة الجادة لنا أن المحقق كان بإمكانه
الاستغناء عن هذه الهوامش بصفة نهائية ليجنب عمله عيوب وعثرات التحقيق ولاستراح
وأراح القارئ المختص وغيره خاصة فيما يخص البحث في دواوين الأشعار، وتضيف الدكتورة
أن التعامل مع هذه الدواوين والبحث فيها صعب جدا.
إرسال تعليق