للثقافة أخبار

شعرـ قصص

إعلانات - إعلانات

جديد دورالنشر

الاثنين، 16 أكتوبر 2017

أدب السيرة الذاتية .. بوح يكشف الأسرار وتمنعه التقاليد

فجرت مذكرات عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية الأسبق، وأحد أشهر وزراء الخارجية في عصر مبارك، سلسلة من ردود الأفعال بعد أن وصف
الرئيسين عبدالناصر وأنور السادات بأنهما كانا ديكتاتوريين.
ثم أسهب موسى في تقديم ما يعتبره تصرفات تسئ لعبدالناصر، وتثبت أنه كان يعيش حياة ارستقراطية بينما كان يوهم المصريين بأنه متقشف مثلهم، بينما كان يستورد طعامه خصيصا بالطائرة من سويسرا يوميا .
وتعيد مذكرات عمرو موسى التي حملت عنوان "كتابيه" للأذهان المفاجأة التي فجرها خلفه في وزارة الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، الذي يشغل منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية حاليا، والذي اعترف فيها لأول مرة بأنه كان يقوم بأعمال استخباراتية من خلال عمله الدبلوماسي في السفارات المصرية بالخارج.
ما فجره عمرو موسي، ومن قبله أحمد أبو الغيط يعيد للأذهان مرة أخرى الجدل حول "أدب السيرة الذاتية" وما يتضمنه من اعترافات تسبب أحيانا حرجا للأحياء والأموات على حد سواء.
• أدب الاعترافات
يقول د. حسين حمودة أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة : أدب السيرة الذاتية فن أدبي يقوم على الانتقاء لمواقف من الحياة الشخصية للكاتب الذي يكتبها عن نفسه، وحيث يحاول الكاتب عرض ما يعتبره أجزاء مهمة من مسيرته الشخصية سواء على المستوى الشخصي أو المهني، وقد يقوم الكاتب بذلك بنفسه مباشرة أو يقوم شخص آخر بكتابه سيرته الذاتية بالنيابة عنه من خلال تحويل ما تسرده الشخصية صاحبة السيرة الذاتية عن نفسها إلى نص أدبي مكتوب.
ويشير حمودة إلى وجود اختلاف بين "أدب السيرة الذاتية" وبين "أدب الاعترافات"، مشيرا إلى أن "أدب الاعترافات" معروف بشكل أكبر في الغرب، لأن العادات والتقاليد الاجتماعية السائدة في العالم العربي تضع الكثير من القيود على ظهور ما يعرف بأدب الاعترافات أو أدب البوح، وفي شكل من أشكال الأدب يعترف فيه صاحب شخصية السيرة الذاتية عن نفسه بجوانب من حياته قد تكون محرجة أو قد تتضمن أمورا خاصة من حياته يصعب البوح عنها في المجتمعات التي تتميز بتقاليدها المحافظة.
وهو نفس ما يتفق معه د. خيري دومة، أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة، والذي يشير إلى إشكالية كبيرة تتعلق بأدب السير الذاتية في العالم العربي، وهو أن هذا النوع من الأدب لا يزال يحتجب وراء ستار العادات والتقاليد المحافظة في الشرق وخاصة في المجتمعات العربية والإسلامية، وأن الأديب العربي أو حتى المشتغل بالعمل العام من غير الأدباء عندما يقدم على كتابة سيرته الذاتية، فإنه لا يستطيع البوح بكل ما مر به من حياته، خاصة ما يتعلق بحياته الشخصية وعلاقاته الخاصة، أو ما يتعلق بأسرته، سواء أسرته التي نشأ فيها، أو أسرته التي كونها بعد الزواج، وحيث يعتبر لويس عوض هو أشجع من كتب سيرة ذاتية باللغة العربية من بين معظم الكتاب العرب، على الرغم من أن سيرته الذاتية التي كتبها تظهر أنه كان حريصا على حجب مساحات مهمة من حياته الشخصية وتفاصيل علاقاته الخاصة.
• نموذج إنساني
أما الروائي إبراهيم عبدالمجيد يرى أنه توجد صعوبات كثيرة تعوق كتابة أدب السيرة الذاتية في العالم العربي، وذلك بسبب الوطأة الشديدة للعديد من القوانين والأعراف والتقاليد الاجتماعية، ونفس الأمر يتعلق بكتابة المذكرات الشخصية، حيث إن الكاتب لا يقدم النموذج الإنساني مجرداً ولكن باعتباره صاحب رأي ووجهة نظر في قضية معينة، ولذلك جاءت معظم كتابات السير الذاتية مبتورة لإخفاء الموقف السياسي والإجتماعي للكاتب، حتى في أعمال كبار الكتاب مثل العقاد وطه حسين وهذا القصور يحول بالطبع دون أن تصبح مثل هذه الأعمال شهادات تاريخية. ولذلك سوف يظل هامش كتابة السيرة الذاتية، خاصة في الحقل الإبداعي، ضيقاً ما دامت هذه القوانين والأعراف والتقاليد الاجتماعية .. وتبقى الرواية هي الطريق الوحيد للهروب أمام الأدباء .
الناقدة د. لنا عبدالرحمن التي أعدت أطروحة دكتوراه عن أدب السيرة الذاتية، تقدم وجهة نظرها معتبرة أن الأدب العربي يحتاج إلى هذا النوع من الكتابة سواء من رجال السياسة، أو المفكرين أو الأدباء، حيث تقول: تنتشر كتابة السير الذاتية والمذكرات الشخصية في الغرب انتشارا كبيرا، ونلاحظ أن معظم السياسيين الذين كان لهم تجربة مؤثرة في السياسة سواء نحو وطنهم أو بلدان أخرى سرعان ما يبدأوا في كتابة مذكراتهم، معتبرين أن ما يكتبونه شهادة مهمة للتاريخ، ومن المؤكد أن المذكرات المسرودة تحمل وجهة نظر شخصية إلى حد كبير مهما كانت محاولات الكتابة بموضوعية، هذا أمر بديهي في كل كتابة شخصية، لكن فكرة تقصي حقيقة المكتوب من عدمها سوف تُترك للمؤرخ وللقارئ أيضا، وللمقارنات الزمنية بين ما حدث وما قيل.
وتتابع قائلة: في عالمنا العربي أتمنى لو يكون هناك جرأة وإقبال على مثل هذه التجارب، لأن كثيرا من التجارب تظل طي الكتمان ولا يكشفها التاريخ إلا بعد سنوات طوال، أو أنها تظل خفية. تحتاج الأجيال الشابة إلى قراءة أدب الاعترافات والمذكرات واليوميات، ومن خلال كل هذا يمكنها المقارنة والحكم حول المضمون. لكن أن تحدث الكتابة أولا، ومن المرجح أن هذا لن يحدث بسهولة بسبب التابوهات الكثيرة الموجودة في المجتمعات العربية.
من ناحيته يقول د. أحمد عبدالرزاق أستاذ التاريخ الحديث: المذكرات الخاصة والسير الذاتية تصبح مادة للمؤرخ إذا استطاع كاتبها أن يتجاوز حياته الخاصة فيسجل الحياة العامة من حوله، وأن يرتبط بالأحداث التاريخية شريطة أن يكون كاتب المذكرات أو السيرة الذاتية ممن عاصروا هذه الأحداث، أو شاركوا في صنعها، لأنهم بذلك يستطيعون أن يرصدوا الحقائق بدقة.
ويبقى الفرق بين كاتب المذكرات والسيرة الذاتية والمؤرخ في طريقة تناول كل منهم لوقائع التاريخ وأحداثه، فإذا كان الأديب يضعها في قالب فني، وكاتب المذكرات يكتبها من زاوية مدى تأثيرها على حياته وتشكيل شخصيته، تجد المؤرخ يعني بالأحداث لذاتها وما ترتب عليها من نتائج يغلب عليها الطابع العام .(خدمة وكالة الصحافة العربية)

إرسال تعليق

 
لا يتحمل الموقع تحت أي ظرف مسؤولية المساهمات التي تتضمن خرقا لحقوق الملكية الأدبية أو حقوق النشر، و يحق لكل متضرر رفع الضرر عن طريق مراسلة مدير الموقع
copyright © 2013 الزمن المغربي
مجلة الزمان المغربي مستقلة تجدد كل يوم